وسع صدرك

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مرحبا بزوارنا الكرام

المواضيع الأخيرة

» فرحة برشلونه بالفوز في الكلاسيكو ‘‘ صور ‘‘
حفل لدفن بقلم/ د.فارس جمعة Emptyالأحد يوليو 05, 2009 1:58 pm من طرف عبدالمحسن الرقيب

» صور تزبيط >>>>>>> رووووعه والله
حفل لدفن بقلم/ د.فارس جمعة Emptyالجمعة يوليو 03, 2009 6:18 am من طرف Mushary*Homood

» من أفضل ألعاب PlayStation3
حفل لدفن بقلم/ د.فارس جمعة Emptyالجمعة يوليو 03, 2009 5:51 am من طرف Mushary*Homood

» آخر إختراعات اليابانيين..
حفل لدفن بقلم/ د.فارس جمعة Emptyالإثنين يونيو 29, 2009 1:14 pm من طرف عبدالمحسن الرقيب

» أحلى صور vtc لا تفوتك
حفل لدفن بقلم/ د.فارس جمعة Emptyالأربعاء يونيو 24, 2009 8:39 am من طرف عبدالمحسن الرقيب

» وداااااااااااااااااااعااااااااااااااااااااااااااااااا
حفل لدفن بقلم/ د.فارس جمعة Emptyالأربعاء يونيو 24, 2009 7:28 am من طرف عبدالمحسن الرقيب

» حصريا لعبة الألغاز الشيقة AZaDa كامله + لعبة سباق السيارات GTR400
حفل لدفن بقلم/ د.فارس جمعة Emptyالأربعاء يونيو 24, 2009 7:25 am من طرف عبدالمحسن الرقيب

» طريقه لتسهيل حفظ القرآن باذن الله
حفل لدفن بقلم/ د.فارس جمعة Emptyالأربعاء يونيو 24, 2009 7:23 am من طرف عبدالمحسن الرقيب

» هل ترغب في تعذيب بوش
حفل لدفن بقلم/ د.فارس جمعة Emptyالجمعة يونيو 12, 2009 1:37 am من طرف راكان الدوسري

التبادل الاعلاني


    حفل لدفن بقلم/ د.فارس جمعة

    brhooom
    brhooom
    مـ~ـشـ~ـرف الاقسـ~ـام الادبيــ~ــه
    مـ~ـشـ~ـرف الاقسـ~ـام الادبيــ~ــه


    عدد الرسائل : 186
    المزاج : والله وصارت تهون ... كلِّ دمعاتِ العيون
    تاريخ التسجيل : 23/03/2009

    حفل لدفن بقلم/ د.فارس جمعة Empty حفل لدفن بقلم/ د.فارس جمعة

    مُساهمة من طرف brhooom الإثنين مايو 11, 2009 7:09 am

    كانت الشمس تحكم سيطرتها في ذلك الصباح الخريفي، أما هو فلم يكن يستطيع السيطرة على شيء حتى نفسه، اعتاد أن يقضي معظم أوقاته في مقهى العاطلين عن الأحلام والعمل، يتبادل الحديث كل يوم مع أكواب القهوة السوداء بلغة مرّة الطعم، فقد أحلامه عند الصباح ليستردها على وسادة الفراش عند المساء.‏

    كان يعيش كل لحظة من حياته.. كأنها الأخيرة.‏

    هاهو يحث الخطا إلى المحطة، يصعد إلى الحافلة، ويلقي بنفسه إلى المقعد ثم يتنفس الصعداء، يغمض عينيه الغائرتين، كمن يجلس في المقعد الأخير من حياته. كان يشعر بالخوف من القصص غير المنتهية، كقصة حبه الميت، فهل عاد حبه إلى الحياة فجاءة، بعد أن انتهى بالسكتة المفاجئة.‏

    في هذه الفوضى الصامتة، والحافلة تبتلع المسافات بلا هوادة أحس بالراحة.‏

    سيفتح دفتر الأيام، ليقرأ بين السطور ما خبأه عن الأنظار، سيقتل الوقت المتبقي للوصول إلى المدينة التي تسكن فيها حبيبته، يردد بنغمة باهتة ما قاله "موران" حين زار الشرق: "المرأة ضحية المسافات".‏

    لكن أليس هو ضحية أخرى أيضاً، ألم تسرقه المرأة من نفسه.‏

    كانت نظراتها قادرة على القتل، حتى الأعمى كان يستطيع أن يرى بريق عينيها السماويتين!‏

    يبتسم ساخراً من نفسه: "الرجال أغبياء حين يصفون امرأة".‏

    لم تزل تعيش في أعماقه. كما تعيش اللآلئ في أعماق البحر.‏

    لكن هل ستتذكر اسمه، أم أنها بعثرته على شفتيها في شقوق النسيان، وهل ستتعرف ملامحه بعد عشر سنوات من الموت في قبر أرضي، بانتظار هذه اللحظة البيضاء، ترى هل يتلون الزمن بألوان أخرى غير الأبيض والأسود!‏

    لقد أنفق ما فات من عمره من دون ثمن.. "في انتظار غودو"، لم يسمح لامرأة أخرى أن تحتل قلبه، بقي راهباً في محراب عينيها كناسك يتعبد، في انتظار لقاء معبوده!‏

    قد تبدو قصته أشبه بالخيال، لكن المرأة التي أحبها تعشق حبس الرجال في سجن عينيها، كانا قد عقدا قلبيهما بشريطة حمراء، وفجاءة اقترنت برجل آخر من دون سابق إنذار، ورحلت معه إلى مدينة أخرى، وبقي ينتظر عودتها، أن تهجر بيتها، أن يطلقها زوجها، أن تعود إلى رشدها، بقي ينتظر عشر سنين وهو يردد ما قاله أحد شعراء "لندن" في انتظار حبيبته الجاحدة "سوف أنتظرك عند بوابة "فانوفر".‏

    ولكم أن تصدقوا أو لا تصدقوا، فقد حدثت المعجزة، وذاب جبل الثلج الذي يفصل بينهما، فقد أثمرت تضحيته أخيراً.. ومات زوجها فجاءة!‏

    سيتهمه بعضهم بالرياء، فمعظم الرجال منافقون، إذ كيف سيخلص لامرأة كل هذا الزمن وهي على ذمة رجل آخر.‏

    كان ينام على وسادة باردة، ويتدفأ بأحلام ساخنة، يقلّب صفحات عمره بعيداً عنها، كما يقلب المسافر أوراق روزنامته في مدينة غريبة بانتظار العودة إلى وطنه.‏

    فقد كانت عيناها وطنه.‏

    تلاشت أحلامه كدوائر على سطح الماء، بدأ يصدأ من الوحدة، لا يجد حوله سوى الأشياء الميتة.. الجدران والمقاعد والخزانة المقفلة على الأسرار والذكريات.‏

    ماذا فعلت به المرأة.. فقد أعلنت حبيبته الإقامة الدائمة في قلبه ورحلت.‏

    سبقه إليها عاشق آخر، في الوقت الذي كان ينهي فيه دراسته الجامعية، ألزمها والداها عقد القران برغم معارضتها، حملها زوجها إلى مدينة بعيدة لينسيها حبها القديم، أما هو فبات عليه أن يتحمل موته البطيء.‏

    لقد عادة الآن حرة.‏

    وهاهو الآن في طريقه إليها تسابق ضربات قلبه عقارب الساعة وعجلات الحافلة.‏

    هل يشعر بالغبطة أم بالحزن، فقد بات بينه وبين الحزن صداقة عتيقة، على أية حال الحزن برأيه أقل كلفة من الفرح، ولن تمضي سوى ست ساعات حتى تكون الحافلة قد أقلته إلى مدينتها، سيقصد بيتها ويقدم لها واجب العزاء، بوفاة زوجها، وسيغافل المعزين ولو للحظات ليتقرب إليها من جديد، بل سيغتنم حداد عينيها ليتقدم ويطلب يدها، لكن هل ستفي بوعدها الذي قطعته له ليلة زفافها حين اختلطت دموعها بزغاريد الفرح: "سنلتقي ولو بعد مئة عام".‏

    هاهو القدر يتيح له الفرصة ولو متأخراً وعليه أن يستغل الوقت الضائع من الجولة الأخيرة من عمره.‏

    ينظر من نافذة الحافلة إلى القمر المنبجس بين غيمتين، وبرغم أنه لا شماتة في الموت فقد انقشعت الغيمة السوداء برحيل زوجها.‏

    ليخرج الآن من قبره إن استطاع.. ماذا سينفعه ماله ونفوذه، فلكم قاسى هو في قبره الأرضي.‏

    لكم سار في شوارع لا أرصفة لها، ولكم كتب على الجدران حزنه.‏

    بقيت ضحكاتها البلورية تتكسر في صمت حجرته لتنغرس شظايا في قلبه، فهل ستعرف اليوم ملامحه الضائعة في خزانة ذاكرتها.‏

    ..ينظر إلى ساعته التي توقفت برحيلها، لقد انقضت ساعة على سفره، وبقي خمس ساعات لوصوله، هل مازالت ملامحه جميلة أم تحولت إلى زهرة ذابلة، لا بأس ستحتفظ بشيء من عطرها العتيق، لكن ما أبشع العطر حين تفسد رائحته.‏

    وفي أول محطة ابتاع لها باقة من النرجس.. النرجس فعلاً هو الزهر الذي يشبهها.‏

    يعض على شفتيه متنهداً، ترى هل تساقطت أوراق حبيبته بعد عقد من مواسم الربيع، فهو يبحث الآن عن امرأة في الخريف.‏

    لا بد أنه أحمق كبير ليجعل من ذكرياتها المقصوصة تمزق صباه، لما لم يقترن بامرأة أخرى كما هو شأن كل العشاق المخفقين، هل لأنه قد أدمن عشقه الدون كيشوتي.‏

    هدوء بارد يعربد في أوصاله، منذ أن تناهى إلى سمعه ليلة أمس، بينما كان في جولته المسائية المعتادة، بأن السيد "علوان" زوج حبيبته قد قضى نحبه، هكذا سمع وهو في شبه غيبوبة، لم يصدق أذنيه وهو يهرول إلى بيته، ليعلن لرفاق حجرته المقعد والسرير رحيل ليله الطويل، ولن تلبث أن تصبح السيدة علوان في متناول قلبه ويديه.‏

    حلق ذقنه وحزم أمتعته بانتظار الصباح ليقصد مدينة حبيبته، خيل إليه بأن النهار يغيظه ولن يطلع أبداً نكاية بقلبه العنيد.‏

    لقد دقت ساعة فرحه أخيراً، لكنه كان يشعر بنصر فاشل، تماماً كما يشعر جنرال انتصر في معركة شطرنج، انقضت ساعة أخرى على سفره، ولم يتبق سوى أربع ساعات ليلقي برأسه على صدرها، أغلق شفتيه فجاءة حتى لا تخرج أنفاسه على حين غرة.‏

    حار في الصباح أية بدلة يرتدي لهذه المناسبة.. طقمه الأسود كما تقتضي قواعد اللباقة في مثل هذه الظروف التي يستدعيها واجب العزاء، أم الطقم الأبيض بلقاء الحبيبين بعد عشر شتاءات عاصفة، قرر أخيراً أن يرتدي كلا اللونين معاً، فالأبيض والأسود على أية حال لونان يصلحان للحزن والفرح، ربما كانا لونين متضادين، لكنهما يبدوان جميلين معاً.‏

    ألم تكن حياته بالأبيض والأسود حتى كسر باب قفصه، أيكون ما يحدث له الآن ضرباً من حماقات قلبه، أو حلماً من أحلام اليقظة، أو أنه كالشعوب البائسة، التي توعد بالرخاء، وحين تحين الساعة ينقضي الأمر.‏

    .. تدق ساعة أخرى، لقد أنفق نصف الزمن اللازم للوصول إليها، فتتراءى له أصابعها الناصعة مضيئة كالشموع وهي تلوح له مرحبة، مازال يكتب اسمها على الإسمنت الطري، على أوراق اللوز، على فواتير الديون، على أجنحة الفراشات، على موج البحر، على كل عطر تقع عليه أنفاسه، فالفراق قاتل محترف يغتال القلب برصاصة النسيان، ألم يقل الفرنسيون بأن الفراق موت مؤقت".‏

    انقضت أربع ساعات الآن منذ أن انطلقت الحافلة صباحاً، الوقت يمضي سريعاً لكنه ليس بسرعة نبضه، هل تستحق هذه المرأة كل هذه المغامرة الهوميرية.‏

    .. هل هي "ليليث" البابلية، تقف على ضفة الفرات لتغويه، وهل هو بطل "شادون" الذي كتب عنها "الإله يخلق ليليث أولاً" فتتقفى خطاه لتحفر قبره بعد أن تسقطه صريعاً بين ذراعيها، هل هي امرأة الظلام الكبرى التي أشعلت حواسه في يوم ما لتتدفأ بعذاباته، تعلق بها في سن مبكرة فحفرت اسمها على بوابة قلبه، ولم تسمح لامرأة أخرى بالدخول، كان حجة أسرتها "بأنه رجل لم يكتمل بعد".‏

    فأغرق نفسه ليبني لها بيتاً يتسع لأحلامها.‏

    يسند رأسه إلى المقعد للتو، ويغمض عينيه راضياً، لم يتبق سوى ساعة واحدة للوصول إلى المحطة الأخيرة.‏

    لابدّ أنها تنتظر قدومه، يفتح عينيه فجاءة على صوت داخلي يؤنبه، المرأة الآن في حالة حداد، كيف ستتذكر وعودها بعد عشرة أعوام.‏

    يطرد هاجسه اللعين ويتناول كوب الماء من النادل قبل أن يغرق في ماء ذاكرته، يردد ما قاله "بوشكين":‏

    "ألست أنا الذي الذي سقيتك يوم العطش بماء الصحراء".‏

    وصلت الحافلة أخيراً. ترجل منها ومشى في ظل الأشجار المنحنية على الأسوار، لكأن الشوارع متواطئة مع ذاكرته تبين له أمراً ما، هاهي الريح تحمل على كتفيها الغيوم، والأشجار تجردت من نصف ملابسها، تتمايل مع أنفاس الخريف وكأنه نساء حزانى يندبن.‏

    .. وعندما وصل إلى ناصية بيتها تيبست ساقاه فجاءة.. فغر عينه ذهولاً، وأحس بالأرض تدور حقاً، وبأنه يترنح في مشيته كيوم خريفي مخمور.‏

    لقد كانت أحلامه من ملح أذابها جليد الأيام.‏

    استند إلى الجدار وهو يقرأ بعينين دامعتين على ورقة نعيها، السيدة إذاً وليس السيد "علوان" من مات، فقد كان واقفاً بكامل صحته يتقبل العزاء بامرأته!‏

    في الحقيقة كلا الاثنين لم يمت.. إنما هو الذي قد مات حقًّا، هل هي "نمسيبي" آلهة الانتقام تسخر منه، لقد خدعه الموت وخدعه الأمل أيضاً حين غش سمعه!‏

    لقد فتح جرحه ثانية.. فأي ضماد سيوقف نزفه الآن.‏

    يتأمل وجوه المعزين باستياء كلها وجوه متشابهة ومملة، وكأنها طبعت على آلة ناسخة.. كبطاقات المناسبات.‏

    المدينة بدت له فارغة من دونها، يلحق بجموع المعزين إلى المقبرة، ماذا تبقى منه ليدفنه الآن، سيترك ذكراها بجوار هذه المدينة وهذا المقعد الخشبي ويرحل.‏

    يضع باقة النرجس على قبرها ويسقيها بدمعتين، كان حديثه إليها للتو هو صلاة الوداع الأخير على ذاكرته، بينما نثيث المطر يرذذ وجهه، فجاءة يتحول المطر إلى ثلج، وكأنه حبال بيضاء تتدلى من السماء، ما لبثت أن راحت تتساقط بعزف حزين على أوراق الريحان.‏

    يتذكر قول الشاعر "وايتمان": "لا ترهبوا الساعة المخيفة، لأن أسفل القبر راحة العاصفة" ينزع قبعته، ثم يعود أدراجه إلى قبره الأرضي من جديد!

    شتات للأديب الكاتب الدكتور فارس الحاج جمعة

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت سبتمبر 28, 2024 11:24 am